والعصمة النافعة في هذا الباب: أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبِتُ له الأسماء والصفات، وتنفِي عنه مشابهة المخلوقات.
فيكون إثباتُك منزَّهاً عن التشبيه، ونفيُك منزَّهاً عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطِّل، ومن شبّهه باستواء المخلوق على المخلوق فهو ممثِّل، ومن قال: استواء ليس كمثله شيءٌ فهو الموحِّد المنزِّه.
وهكذا الكلام في السمع والبصر والحياة والإرادة والقدرة واليد والوجه والرضى والغضب والنزول والضحك، وسائر ما وصف الله به نفسه".
٣- وقال الشيخ العلاّمة عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله -: "سُئل الإمام مالك - رحمه الله - وغيره من السلف عن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} : كيف الاستواء؟، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فبيّن أنَ الاستواء معلوم، وأنَّ كيفية ذلك مجهول، وهكذا يُقال في كلِّ ما وصف الله به نفسه".
٤ - وقال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي: "واعلموا أنّ آيات الصفات كثير من الناس يُطلق عليها اسم المتشابه وهذا من جهة غلطٌ، ومن جهة قد يسوغ كما يثبته الإمام مالك بن أنس، أما المعاني فهي معروفة عند العرب كما قال الإمام مالك بن أنس - رحمه الله -: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة"، كذلك يقال في النزول: النزول غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، واطّرده في جميع الصفات؛ لأنَّ هذه الصفات معروفة عند العرب، إلاّ أنَّ ما وصف به خالق السموات والأرض منها أكمل وأجلّ وأعظم من أن يشبه شيئاً من صفات المخلوقين، كما أنَّ ذات الخالق - جلّ وعلا - حق والمخلوقون لهم ذوات، وذات الخالق - جلّ وعلا - أكمل وأنزه وأجلّ من أن تشبه شيئاً من ذوات المخلوقين".