ثانياً: أما عدّ أهل العلم لهذا الأثر قاعدة من قواعد توحيد الأسماء والصفات فمن ذلك:
١- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"فإذا قال السائل: كيف استوى على العرش؟، قيل له كما قال ربيعة ومالك وغيرهما - رضي الله عنهما -: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة؛ لأنَّه سؤال عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.
وكذلك إذا قال: كيف ينزل ربّنا إلى السماء الدنيا؟، قيل له: كيف هو؟، فإذا قال: لا أعلم كيفيته، قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله؛ إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره، وتكليمه، واستوائه ونزوله، وأنت لا تعلم كيفية ذاته"؟! .
وقال أيضاً:"ومن أوَّل الاستواء بالاستلاء فقد أجاب بغير ما أجاب به مالك وسلك غير سبيله، وهذا الجواب من مالك –رحمه الله- في الاستواء شافٍ كافٍ في جميع الصفات مثل: النزول والمجيء، واليد، والوجه، وغيرها، فيقال في مثل النزول: النزول، معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهكذا يُقال في سائر الصفات؛ إذ هي بمثابة الاستواء الوارد به الكتاب والسنة".
٢- وقال العلاّمة ابن القيم رحمه الله: "وهذا الجواب من مالك رضي الله عنه شافٍ، عامّ في جميع مسائل الصفات، فمن سأل عن قوله:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأرَى} كيف يسمع ويرى؟، أجيب بهذا الجواب بعينه، فقيل له: السمع والبصر معلوم، والكيف غير معقول، وكذلك من سأل عن العلم، والحياة، والقدرة، والإرادة، والنزول، والغضب، والرضى، والرحمة، والضحك، وغير ذلك، فمعانيها كلها مفهومة، وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ تعقُّل الكيفية فرع العلم بكيفية الذات وكنهها، فإذا كان ذلك غير معقول للبشر، فكيف يعقل لهم كيفية الصفات؟!.