للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤- وقال أبو المعالي الجويني في الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية: (ومما استُحسن من كلام مالك أنَّه سُئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} : كيف استوى؟، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فلتُجرَ آية الاستواء والمجيء وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} (١) وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (٢) وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرنا".

٥- وقال الإمام البغوي في تفسيره: "فأمَّا أهل السنة يقولون: الاستواء على العرش صفة الله تعالى بلا كيف، يجب على الرجل الإيمان به، ويكِلُ العلم فيه إلى الله عز وجل، وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} : كيف استوى؟، فأطرق رأسه مليًّا وعلاه الرَّحضاء ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلاَّ ضالاًّ، ثم أمر به فأُخرج، وروي عن سفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات المتشابهات: أمِرُّها كما جاءت بلا كيف".

٦- وقال ملا علي القاري: "ونِعم ما قال الإمام مالك

- رحمه الله - حيث سُئل عن ذلك الاستواء، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب، وهذه طريقة السلف وهي أسلم، والله أعلم".

ومع ذلك فقد قال بعض جُهّال المعاصرين بعد محاولة فاشلة لتضعيف هذا الأثر: "وعلى أيٍّ فالقضية تبقى رأياً من عالم غير ملزم للناس ولا قاطع للجدل والفهم، ولا محدد لفهم واحد، بل لكلّ متّسع فيما يرى".

فالجهمي له متسع، والمعتزلي له متسع، والأشعري له متّسع، فالله وحده المستعان.


(١) سورة ص، الآية: (٧٥) .
(٢) سورة الرحمن، الآية: (٢٧) .