إنّ هذه حقيقة علمية لا تكاد تخطىء, وسنة كونية لا يرجى أن تتخلف, وعليه - وأمة الإسلام اليوم تتطلع إلى مستقبل تسترد فيه مجهدها وكرامتها, وتسترجع قيادتها وسيادتها, وتعيد فيها إلى العالم الإنساني ما فقد من خير هداية, وما خسر من سعادة صلاح - فإنّ عليها أن تعي هذه الحقيقة, وتتفهم هذه السنة, وتجعل سلمها الوحيد الذي تريد أن ترقى به إلى أمجادها هو شبابها, وحينئذ فلتنظر في شبابها نظرة جد وحزم لترى في أي شيء هو, وعلى أيّ مستوى من مستويات القوة والصلاح, فإن وجدته الشباب المدرك الواعي, والقوي العصامي, الذي لا يباري في طموحه, شعاره حب الكفاح, والرغبة الصادقة في الإصلاح, هدفه الخير وغايته الشرف, اطمأنت عندئذ إلى مستقبلها السعيد, وإلى غدها المشرق القريب. وإن وجدته شبابا خائر القوى, فاقد العزيمة, ضعيف الإرادة, تتقاسمه التيارات الجارفة, وتتنازعه المبادئ الفاسدة, والأفكار المنحرفة, فاقد الوعي, محروم التفكير الصالح, يعيش بلا هدف, ويحيا بلا غاية, هو إلى اليأس أقرب منه إلى الأمل, وإلى الأماني الكاذبة أدنى منه إلى الآمال الصادقة, وجب عليها أن تفكر في الجد, وبسرعة في إصلاح شبابها, الذي هو وارث حياتها, وعدة مستقبلها, وقوام قوتها, ومفتاح سعادتها, لتجعله - بإذن الله - في مستوى المسؤولية, وعلى قدر المهمة التي تعلقها عليه وتنيطها به.
وإن قيل: فما هو طريق إصلاح هذا الشباب المسلم؟ ولم لا تسهم أيها الكاتب في بيان هذا الطريق؟
فجوابي: إني مع اعترافي بالعجز عن وضع خطة ناجحة لإصلاح الشباب المسلم, أو توضيح طريق معين لذلك, فإني لا أبخل بجهد المقل, وأحرم نفسي شرف الإسهام والمشاركة في وضع خطة لابد أن توضع, وبيان طريق لابد أن يبين, إذ هو من ضروريات بقاء هذه الأمة المسلمة, ووصولها إلى غايتها وأهدافها في العزة والكرامة والجد والسيادة.