ومما أنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه أحمد عن عبد الرحمن بن بكرة عن الأسود بن سريع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني قد حمدت ربي بمحامد ومدح وإياك فقال رسول الله:" أما إن ربك يحب المدح هات ما امتدحت به ربك"قال: فجعلت أنشده, فجاء رجل فاستأذن أو لم أصلع أعسر أيسر قال: فاستنصتني له رسول الله, ووصف لنا أبو سلمة كيف استنصته قال: كما صنع بالهر, فدخل الرجل فتكلم ساعة ثم خرج ثم أخذت أنشده أيضا ثم رجع بعد فاستنصتني رسول الله, ووصفه أيضا, فقلت: يا رسول الله من ذا الذي استنصتني له؟ فقال: "هذا رجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب" [٦] .
ومنه ما روى عن النابغة الجعدي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته من قولي:
علونا العباد عفة وتكرما
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
قال: أين المظهر يا أبا ليلى؟ قلت: الجنة. قال: "أجل إن شاء الله".
ثم قال: أنشدني, فأنشدته قولي:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له
بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا
قال: "أحسنت لا يفضض الله فاك".
قال الهيثمي: "رواه البزار وفيه يعلى بن الأشدق ضعيف" [٧] .
قلت: لكنه توبع, وقد ذكر ابن حجر في الإصابة هذا الحديث بست طرق عن النابغة الجعدي [٨] .
وذكرها كذلك ابن عبد البر في الاستيعاب والقصيدة حوالي مائتي بيت أورد منها ابن عبد البر ما يلي:
خليلي عوجا ساعة وتهجرا
ولو ما على ما أحدث الدهر أو ذرا
تذكرت والذكرى تهيج للفتى
ومن حاجة المحزون أن يتذكرا
نداماي عند المنذر بن محرق
أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا
تقضي زمان الوصل بيني وبينها
ولم ينقض الشوق الذي كان أكثرا
وإني لأستشفي برؤية جارها
إذا ما لقاؤها علي تعذرا