للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أنه لم يكن يطيل القراءة إطالتهم.

وفي مسند أحمد وسنن النسائي عن عبد الله بن عمر قال: "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف وإن كان ليؤمنا بالصافات"وهذا يدل على أن الذي أمر به هو الذي فعله فإنه صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يصلوا مثل صلاته ولهذا صلى على المنبر، وقال: "إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي" (١) .

وقال لمالك بن الحويرث وصاحبه: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (٢) وذلك أنه ما من فعل في الغالب إلا ويسمى خفيفاً بالنسبة إلى ما هو أطول منه وطويلاً بالنسبة إلى ما هو أخف منه فلا يمكن تحديد التخفيف المأمور به في الصلاة باللغة ولا بالعرف لأنه ليس له عادة في العرف كالقبض والحرز والإحياء والاصطياد حتى يرجع فيه إليه بل هو من العبادات التي يرجع في صفاتها ومقاديرها إلى الشارع كما يرجع إليه في أصلها ولو جاز الرجوع فيه إلى العرف لاختلفت الصلاة الشرعية اختلافاً متبايناً لا ينضبط ولكان لكل أهل عصر ومصر بل لأهل الدرب والسكة وكل محل لكل طائفة غرض وعرف وإرادة في مقدار الصلاة يخالف عرف غيرهم وهذا يفضي إلى تغيير الشريعة وجعل السنة تابعة لأهواء الناس فلا يرجع في التخفيف المأمور به إلا إلى فعله صلى الله عليه وسلم ... ".أ. هـ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١/٣١٠،٣١١رقم٨٧٥) كتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر. ومسلم في صحيحه (١/٣٨٦-٣٨٧ رقم ٥٤٤) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١/٢٢٦ رقم ٦٠٥) كتاب الآذان، باب الآذان للمسافر إذا كانوا جماعة ...