للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإيراده لهذا المثال لا يبيّن موطن الالتفات أو عدمه، بل لابدّ من إيراد الآية تامّة، وعند ذلك يتضح ما قاله فيوافقه القارئ أو يخالفه فيما ذهب إليه، والآية تامّة هي قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} (١) .

٤- وقد وهم المؤلف حين تابع التفتازاني، فألحق بالالتفات أمرين فقال: "وقد يطلق الالتفات على معنيين آخرين؛ أحدهما: أن تذكر معنى فتتوهم أن السامع اختلجه شيءٌ فتلتفت إلى ما يزيل اختلاجه، ثم ترجع إلى مقصودك كقول ابن ميّادة:

فلا صَرْمُهُ يبدو وفي اليأس راحةٌ

ولا وصلُهُ يصفو لنا فنكارمُه

فإنه لمّا قال: (فلا صرمه يبدو) واستشعر أن يقول السامع: وما نصنع به؟ فأجاب بقوله: (وفي اليأس راحة) ثم عاد إلى المقصود.

والثاني: تعقيب الكلام بجملة مستأنفة متلاقية له في المعنى، على طريق المثل أو الدعاء، أو نحوهما، كما في قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} (٢) وقوله تعالى: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (٣) .... وفي قول جرير:

مَتَى كَانَ الخِيَامُ بِذِي طُلُوحٍ

سُقِيْتِ الْغَيْثَ أَيَّتُهَا الخِيَامُ

أَتَنْسَى يَوْمَ تَصْقُلُ عَارِضَيْها

بِفَرْعِ بشامةٍ سُقِيَ البَشَامُ

وهذا الذي ذكره يكاد يكون مطابقاً لما ذكره التفتازاني في المطوّل.


(١) سورة البقرة آية (٨٣) .
(٢) سورة المائدة آية: ٦٤.
(٣) سورة التوبة آية: ١٢٧.