للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعظيماً للمخاطب وتواضعاً من المتكلم وفيه نظر؛ لأنّه قد جاء ذلك للغائب والمخاطب أيضاً في الكلام القديم، أمّا الأول: فقد قال الإمام البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {و (١) مَا كَانَ لِمُوْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللهُ ورَسُوْلُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٢) "أي قضى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وذكر الله لتعظيم أمره، والإشعار بأنّ قضاءَه قضاءُ الله، تعالى وجمع الضمير الثاني للتعظيم".

وأمّا الثاني فقد قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: {لا تَقُوْلُوا (٣) رَاعِنَا (٤) } : "وقرأ ابن مسعود: (راعونا) على أنهم كانوا [يخاطبونه] بلفظ الجمع للتوقير" والفاضل المذكور اعترف بما أنكره ههنا - في بحثه: أن الأمر للوجوب من التلويح.

ومثال النوع المذكور من الشعر لم يوجد في أشعار الجاهلية، ولذلك لم يورد صاحب المفتاح مثالاً له إلاّ أنَّه لم يصب في ذلك، لأن وجود مثاله في التنزيل كان كافياً، فلا وجه لاقتصاره على إيراد المثال للأقسام الخمسة.

وثالثها: الالتفات من الخطاب إلى التكلم، ومثاله لم يوجد في التنزيل، وأمّا مثاله من الشعر فقوله:

طَحَا بِكَ قَلْبٌ فِي الحِسَانِ طَرُوبُ

بُعيْدَ الشَّبابِ عَصْرَ حانَ مَشِيْبُ

يُكَلِّفُنِي لَيْلَى وقد شَطَّ وَلْيُها

وَعَادتْ عَوَادٍ بَيْنَناَ وخُطُوبُ

التفت من الخطاب في (طحابك) إلى التكلم؛ حيث لم يقل يكلّفك، وفاعل يكلفني ضميرُ القلب، وليلى مفعوله الثاني، والمعنى: يكلفني ذلك القلب ليلى ويطالبني بوصلها.


(١) ساقط من (د) .
(٢) آية (٣٦) من سروة الأحزاب.
(٣) في (م) : ولا تقولوا.
(٤) سورة البقرة من الآية (١٠٤) .