للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن المراد من المعنى المشترك بين الطريقين المذكورين في التعريف المشهور للالتفات؛ إنّما هو المعنى الثاني لذينك الطريقين، لا معنى الكلام؛ لأنّه متعدد قطعاً، وإنَّما قيّدنا المعنى بالثاني؛ لأن معناهما (١) الأول -أيضاً- متعدد، فإن الكلام إذا نقل عن طريق الخطاب إلى طريق الغيبة مثلاً؛ يكون المعنى الأول للطريق المنقول عنه (الخطاب) ، وللطريق المنقول إليه (الغيبة) ، وهما معنيان مختلفان إنما الاتحاد فيما هو المقصود بهما، فإنّ الَّذي عبّر عنه بطريق الغيبة هو الَّذي قصد بطريق الخطاب، فمرجع ما ذكر إلى اعتبار الشرط الَّذي ذكره صدر الأفاضل، ومن ههنا تَبَيّن أنّ الحاجة إلى اعتبار الشرط المذكور على تقدير تفسير الالتفات بنقل الكلام عن أسلوب إلى آخر، وتغيير أسلوب الكلام بنقله عن صيغة إلى أخرى، وأمّا إذا فُسِّر بالتعبير عن معنى بطريق من الثلاثة بعد التعبير عنه بآخر منها، فلا حاجة إليه، بل لا وجه له؛ إذ حينئذٍ يلزم اعتبار مدلول الشيء شرطاً زائداً عليه، وكأن الفاضل التفتازاني (٢) غافل عن دلالة التعبير المذكور على الشرط المزبور (٣) ، حيث قال في شرحه للتلخيص - بعد التفصيل المشبع في الالتفات على التفسير المذكور -: "وذكر صدر الأفاضل في ضرام السقط "أن من شرط الالتفات أن يكون المخاطب بالكلام في الحالين واحداً"، فإن الظاهر منه اعتبار الشرط المزبور على التفسير المشهور أيضاً.

قال صاحب المفتاح - بعد الإكثار في إيراد الأمثلة للالتفات – "وأمثال ما ذكر أكثر من أن يضبطها القلم، وهذا النوع قد يختص مواقعه بلطائف معانٍ قلّما تتضح إلاّ لأفراد بلغائهم، أو للحذّاق المهرة في هذا الفن، والعلماء النّحارير".


(١) في (د) : معناها.
(٢) في (د) : لا تفتازاني.
(٣) في (م) : المربور.