للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يذهب عليك أنه لم يصبْ في إطلاق المدبّر على الله تعالى، أمّا على أصل من قال: إن أسماء الله توقيفية (١) فظاهر، وأمّا على أصل المخالف فيه، فلأنه شرط فيه أن لا يكون موهماً لما لا يليق بشأنه تعالى، وفي المدبّر ذلك الإيهام، كما لا يخفى على ذوي الأفهام.

وقد فسّر الفاضل التفتازاني في شرح التلخيص القول المذكور على وفق ما ذكرناه، حيث قال: "أي قد يكون لكل التفات سوى هذا الوجه العام لطيفة، ووجه مختص به بحسب مناسبة المقام" إلا أنّه يتجه عليه أن يقال: لم لا يجوز أن يكون ما يترتب على التفات (٢) ، بحسب مناسبة المقام من الوجه الخاص، مترتباً على التفات آخر في مثل ذلك المقام، ولا دليل على انفراد كل فرد، بل كل نوع منه بوجه خاص، لا يشاركه فيه غيره، ولاستقراء القاصر لا يجدي نفعاً.

وقد يطلق الالتفات على معنيين آخرين؛ أحدهما: أن تذكر معنى،

[فتتوهم] أنّ السامع اختلجه (٣) شيء، فتلتفت إلى ما يزيل اختلاجه، ثم ترجع إلى مقصودك، كقول ابن ميادة:

فَلا صَرْمُهُ يَبْدو وفي الْيأْسِ راحةٌ

ولا وَصْلُهُ يَصْفو لنا فَنُكَارِمُهْ (٤)

فإنَّه لما قال: (فلا صرمه يبدو) واستشعر أن يقول السامع: وما نصنع به؟

فأجاب بقوله: (وفي اليأس راحة) ، ثم عاد إلى المقصود.


(١) في (د) : توفيقية.
(٢) في (م) الالتفات.
(٣) في (م) : اختلمه.
(٤) في (م) : فيكارمه. والبيت في شعر ابن ميادة: ٢٢٥، جمع وتحقيق د. حنّا جميل حداد من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق ١٤٠٢هـ.