للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشارح الفاضل لغفوله عن استعارة (قد) للتكثير في أمثال هذا المقام، قال في شرحه: "ولفظة (قد) إشارة إلى أن الفائدة العامة كافية لحسن الالتفات في مواقعه كلها، لكن ربما اشتمل بعضها على فائدة أخرى، فيزداد حسنه فيه" ثم إن معنى التبعيض لا يتحمله الكلام المذكور، لأن فحواه الإخبار عن أن مواقع الالتفات لا ينفك عن لطائف أخر على معنى أنّ كلاً منها يلزمه لطيفة مخصوصة زيادة على الفائدة العامة، كما هو مقتضى مقابلة الجمع بالجمع، فالباء داخلة على المقصور لا على المقصور عليه، كما في تحصّك بالعبادة، واختصّ [بها] (١) ، إذ لا صحة للإخبار عن أن لطائف أخر

لا تنفك عن مواقع الالتفات.

ومن اللطائف المخصوصة ما ذكره صاحب المفتاح، وصاحب الكشاف، في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} . وله وجه آخر، ذكره الفاضل التفتازاني في شرح التلخيص وهو أنَّ "ذكر لوازم الشيء وخواصه، يوجب ازدياد وضوحه، وتميزه، والعلم به، فلما ذكر الله تعالى توجه النفس إلى الذات الحقيق بالعبادة، وكلما أجرى عليه صفة من تلك الصفات العظام ازداد ذلك، وقد وصف أوّلاً بأنه المدبّر للعالم، وثانياً بأنه المنعم بأنواع النعم الدنيوية والأخروية، لينتظم لهم أمر المعاش، ويستعدوا لأمر المعاد.

وثالثاً: بأنه المالك لعالم الغيب، وإليه معاد العباد، فانصرفت النفس بالكلية إليه لتناهي وضوحه، وتميّزه بسبب هذه الصفات، فخوطب تنبيهاً على أنّ من هذه صفاته، يجب أن يكون معلوم التحقق عند العبد متميزاً عن سائر الذوات، حاضراً في قلبه، بحيث يراه ويشاهده حال العبادة، وفيه تعظيم لأمر العبادة وإنها ينبغي أن تكون عن قلب حاضر، كأنه يشاهد ربّه ويراه، ولا يلتفت إلى ما سواه" إلى هنا كلامه وبعبارته.


(١) في النسختين: بوا. وهو خطأ ظاهر.