من حقه على أمته – وقيامهم بهذا الحق عنوان سعادتهم – أن يشهدوا بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين الجن والإنس وأن شريعته باقية إلى قيام الساعة وأنها عامة لكل أحد فلا يسع أحد الخروج عنها. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.." وأن شريعته صالحة لكل زمان ومكان وأنه لا سعادة في الدنيا ولا نجاة في الآخرة إلا لمن سلك سبيله وسار على نهجه وأنه هو الأسوة والقدوة لأمته وأنه الصادق المصدوق في أخباره غائبها وماضيها ومستقبلها وأن تكون القلوب عامرة بحبه محبة أعظم من محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين، ومن محبته صلى الله عليه وسلم محبة شريعته وتعظيمها وتحكيمها والتحاكم إليها كما قال الله تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} وأن تكون العبادة لله خالصة وعلى وفق الخطة التي رسمها رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يعبد الله إلا بما شرع كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وما أحسن قول أبي عثمان النيسابوري إذ يقول:"من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة".
وقد جمع هذه الأمور في عبارة وجيزة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حيث قال في بيان المراد بشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع".