للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنَّ أفضل هؤلاء الكلمات هو التهليل لاشتماله على التوحيد الذي هو أصل الإيمان، وهو الكلام الفارق بين أهل الجنة وأهل النار، وهو ثمن الجنة، ولا يصلح إسلام أحد إلاَّ به ومن كان آخر كلامه لا إله إلاَّ الله دخل الجنة، ومنزلة التحميد والتسبيح منه منزلة الفرع من الأصل، فالتهليل أصل وما سواه فرع له وتابع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلاَّ الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق". فجعل - صلوات الله وسلامه عليه - التهليل أعلا وأرفع شعب الإيمان، وفي المسند عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله أفمن الحسنات لا إله إلاَّ الله؟ قال: هي أفضل الحسنات" (١) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداًّ، وقد تقدّم معنا جملة كبيرة منها.

ولا يعارض هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "أفضل الكلام ما اصطفى الله لملائكته سبحان الله وبحمده"؛ إذ لا يلزم منه - كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن يكون أفضل مطلقاً بدليل أنَّ قراءة القرآن أفضل من الذكر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها في الركوع والسجود وقال: "إني نُهيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، أما الركوع فعظموا فيه الربّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يستجاب لكم" (٢)


(١) صحيح البخاري (رقم:٩) ، وصحيح مسلم (رقم:٣٥) .
(٢) صحيح مسلم (رقم:٢٧٣١) .