وها هنا أصل عظيم نبّه عليه شيخ الإسلام - رحمه الله - وهو أنَّ الشيء إذا كان أفضل من حيث الجملة لم يجب أن يكون أفضل في كل حال ولا لكل أحد، بل المفضول في موضعه الذي شرع فيه أفضل من الفاضل المطلق، كما أنَّ التسبيح في الركوع والسجود أفضل من قراءة القرآن ومن التهليل والتكبير، والتشهد في آخر الصلاة والدعاء بعده أفضل من قراءة القرآن، فالتفضيل مختلف باختلاف الأحوال فقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أيُّ الكلام أفضل؟ فقال:"سبحان الله وبحمده"، هذا خرج على سؤال سائل، فربما علم النبي صلى الله عليه وسلم من حال السائل حالاً مخصوصة.
وعلى كلٍّ فالتفضيل مختلف باختلاف الأحوال، وإن كان التهليل أفضل مطلقاً والأحوال ثلاثة: حال يستحب فيها الإسرار ويكره فيها الجهر لأنَّها حال انخفاض كالركوع والسجود، فهنا التسبيح أفضل من التهليل والتكبير، وكذلك في بطون الأودية، وحال يستحب فيه الجهر والإعلان كالإشراف والأذان فهنا التهليل والتكبير أفضل من التسبيح، وحال يشرع فيه الأمران.
نسأل الله الكريم أن يوفقنا وجميع المسلمين لكل خير يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
فهرس المصادر والمراجع
الآداب: للبيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الأولى (١٤٠٦هـ) .
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان: لابن بَلبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة (١٤١٤هـ) .
الأسماء والصفات: للبيهقي، تحقيق: عبد الله بن محمد الحاشدي، مكتبة السوادي جدة، الأولى (١٤١٣هـ) .
أضواء البيان: للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، عالم الكتب، بيروت.
البداية والنهاية: للحافظ ابن كثير، مكتبة المعارفة، بيروت، الثانية (١٣٩٧هـ) .
بدائع الفوائد: لابن القيم، دار الكتاب العربي، بيروت.
بصائر ذوي التمييز: للفيروزأبادي، تحقيق: علي النجار، المكتبة العلمية، بيروت.