وقال - رحمه الله - في الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:"ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه - عز وجل - ببصره على قول بعضهم، وهو اختيار الإمام أبي بكر بن خزيمة من أهل الحديث، وتبعه على ذلك جماعة من المتأخرين. وروى مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه رآه بفؤاده مرتين، وأنكرت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - رؤية البصر، وروى مسلم عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله رأيت ربك فقال: "نور أنى أراه" وإلى هذا مال جماعة من الأئمة قديما وحديثا اعتمادًا على هذا الحديث، واتباعًا لقول عائشة -رضي الله عنها - قالوا: هذا مشهور عنها، ولم يعرف لها مخالف من الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس أنه رآه بفؤاده، ونحن نقول به، وما روي في ذلك من إثبات الرؤية بالبصر فلا يصح شيء من ذلك لا مرفوعا بل ولا موقوفا والله أعلم".
قول ابن أبي العز (٧٩٢ هـ)
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:"واتفقت الأمة على أنه لا يراه أحد في الدنيا بعينه، ولم يتنازعوا في ذلك إلا في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة، منهم من نفى رؤيته بالعين، ومنهم من أثبتها له صلى الله عليه وسلم".
وقال في موضع آخر:" ... وقد تقدم ذكر اختلاف الصحابة في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربَّه - عز وجل - بعين رأسه، وأن الصحيح أنه رآه بقلبه، ولم يره بعين رأسه. وقوله {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}[النجم ١١] ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}[النجم ١٣] صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين على صورته التي خلق عليها".