وأما قول ابن عباس: أنه رآه بفؤاده مرتين، فإن كان استناده إلى قوله - تعالى - {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} ثم قال {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} والظاهر أنه مستنده فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خلق عليها، وقول ابن عباس هو مستند الإمام أحمد في قوله رآه بفؤاده والله أعلم".
قول ابن كثير (٧٠٤ هـ)
قال ابن كثير بعد ذكر الروايات عن ابن عباس أنه رآه بفؤاده مرتين:
".... وقد خالفه ابن مسعود، وفي رواية عنه أنه أطلق الرؤية، وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد، ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب، فإنه لا يصح في ذلك شئ عن الصحابة -رضي الله عنهم- وقول البغوي في تفسيره: وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه، وهو قول أنس والحسن وعكرمة، فيه نظر والله أعلم".
وقال رحمه الله في البداية والنهاية:
"واختلفوا في الرؤية فقال بعضهم: رآه بفؤاده مرتين، قاله ابن عباس
وطائفة، وأطلق ابن عباس وغيره الرؤية وهو محمول على التقييد. وممن أطلق الرؤية أبو هريرة وأحمد بن حنبل - رضي الله عنهما -. وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين، واختاره ابن جرير وبالغ فيه، وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين. وممن نص على الرؤية بعيني رأسه الشيخ أبو الحسن الأشعري فيما نقله السهيلي عنه، واختاره الشيخ أبو زكريا النووي في فتاويه. وقالت طائفة: لم يقع ذلك لحديث أبي ذر ... وقالوا: لم يمكن رؤية الباقي بالعين الفانية ... والخلاف في هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف والله أعلم".