للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقولون: إنه يظهر في الصور كلها، وهذا عندهم هو الوجود الاسمي لا الذاتي، ومن هذه الجهة فهو يرى في كل شيء، ويتجلى في كل موجود، لكنه لا يمكن أن ترى نفسه، بل تارة يقولون كما يقول ابن عربي: ترى الأشياء فيه، وتارة يقولون: يرى هو في الأشياء، وهو تجليه في الصور، وتارة يقولون كما يقول ابن سبعين:

عين ما ترى ذات لا ترى

وذات لا ترى عين ما ترى

وهم مضطربون؛ لأن ما جعلوه هو الذات عدم محض، إذ المطلق لا وجود له في الخارج مطلقًا بلا ريب، لم يبق إلا ما سموه مظاهر ومجالي، فيكون الخالق عين المخلوقات لا سواها، وهم معترفون بالحيرة والتناقض مع ما هم فيه من التعطيل والجحود.

وفي هذا يقول ابن عربي:

فإن قلت بالتنزيه كنت مقيداً

وإن قلت بالتشبيه كنت محدداً

وإن قلت بالأمرين كنت مسددًا

وكنت إمامًا في المعارف سيدًا

فمن قال بالإشفاع كان مشركًا

ومن قال بالإفراد كان موحدًا

فإياك والتشبيه إن كنت ثانيًا

وإياك والتنزيه إن كنت مفردًا

فما أنت هو بل أنت هو وتراه

في عين الأمور مسرحا ومقيدًا (١)

وأما الفرق بين الاتحاد والحلول، فإن الاتحاد كاتحاد الماء باللبن، وأما الحلول فكحلول الماء في الإناء.

والقسمة بين الحلولية والاتحادية رباعية، فإن كل واحد من الحلول والاتحاد: إما معين في شخص، وإما مطلق.

قال شيخ الإسلام: "وذلك أن القسمة رباعية؛ لأن من جعل الرب هو العبد حقيقة، فإما أن يقول بحلوله فيه، أو اتحاده به، وعلى التقدرين: فإما أن يجعل ذلك مختصا ببعض الخلق كالمسيح، أو يجعله عاما لجميع الخلق، فهذه أربعة أقسام:


(١) بغية المرتاد (ص٤٧٣)