الأول: هو الحلول الخاص: وهو قول النسطورية من النصارى ونحوهم ممن يقول: إن اللاهوت حل في الناسوت وتدرع به، كحلول الماء في الإناء، وهؤلاء حققوا كفر النصارى؛ بسبب مخالطتهم للمسلمين، وكان في زمن المأمون؛ وهذا قول من وافق هؤلاء النصارى من غالية هذه الأمة، كغالية الرافضة الذين يقولون: إنه حلَّ بعلي بن أبي طالب، وأئمة أهل بيته، وغالية النُسَّاك الذين يقولون بالحلول في الأولياء، ومن يعتقدون فيه الولاية أو في بعضهم، كالحلاج ويونس والحاكم ونحو هؤلاء.
والثاني: هو الاتحاد الخاص: وهو قول يعقوبية النصارى، وهم أخبث قولاً، وهم السودان والقبط، يقولون: إن اللاهوت والناسوت اختلطا وامتزجا
كاختلاط اللبن بالماء، وهو قول من وافق هؤلاء من غالية المنتسبين إلى الإسلام.
والثالث: هو الحلول العام: وهو قول الذي ذكره أئمة أهل السنة والحديث عن طائفة من الجهمية المتقدمين، وهو قول غالب متعبدة الجهمية الذين يقولون: إن الله بذاته في كل مكان، ويتمسكون بمتشابه من القرآن كقوله {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ}[الأنعام ٣] وقوله {وَهُوَ مَعَكُمْ}[الحديد ٤] والرد على هؤلاء كثير مشهور في كلام أئمة السنة، وأهل المعرفة وعلماء الحديث.
الرابع: الاتحاد العام: وهو قول هؤلاء الملاحدة الذين يزعمون أنه عين وجود الكائنات، وهؤلاء أكفر من اليهود والنصارى من وجهين:
من جهة أن أولئك قالوا: إن الرب يتحد بعبده الذي قربه واصطفاه بعد أن لم يكونا متحدين، وهؤلاء يقولون: مازال الرب هو العبد وغيره من المخلوقات ليس هو غيره.