والثاني من جهة أن أولئك خصوا ذلك بمن عظَّموه كالمسيح، وهؤلاء جعلوا ذلك ساريا في الكلاب والخنازير والأقذار والأوساخ، وإذا كان الله - تعالى - قد قال {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} الآية، فكيف بمن قال: إن الله هو الكفار، والمنافقون، والصبيان، والمجانين، والأنجاس، والأنتان، وكل شيء؟! ".
وأما عن الحلولية، فقد قال الأشعري: "وفي الأمة قوم ينتحلون النسك، يزعمون أنه جائز على الله - تعالى - الحلول في الأجسام، وإذا رأوا شيئا يستحسنونه قالوا: لا ندري، لعله، ربنا.
ومنهم من يقول: إنه يرى الله في الدنيا على قدر الأعمال، فمن كان عمله أحسن رأى معبوده أحسن.
ومنهم من يجوِّز على الله - تعالى - المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا، وجوّزوا مع ذلك على الله - تعالى الله عن قولهم - أن نلمسه.
ومنهم من يزعم أن الله - سبحانه - ذو أعضاء وجوارح وأبعاض: لحم ودم على صورة الإنسان له ما للإنسان من الجوارح - تعالى ربنا عن قولهم علوا كبيرا.
وكان في الصوفية رجل يُعرف بأبي شعيب يزعم أن الله يسر ويفرح بطاعة أوليائه، ويغتم ويحزن إذا عَصَوْهُ.
وفي النسَّاك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى منزلة تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم - من الزنا وغيره - مباحات لهم. وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم أن يروا الله، ويأكلوا من ثمار الجنة، ويعانقوا الحور العين في الدنيا، ويحاربوا الشياطين، ومنهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين".