للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يدارس جبريل بالقرآن ويعارضه به في كل رمضان فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه القرآن مرتين. [١٠٢]

ولا شك أن تلك المعارضة لم تكن قاصرة على الحفظ فقط بل كانت شاملة له وللكيفية التي تتلى بها حروف القرآن وتؤدى بها على أكمل وجه وأحسنه.

قال الكرماني: وفائدة درس جبريل تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم تجويد لفظه وتصحيح الحروف من مخارجها وليكون سنة في حق الأمة لتجويد التلامذة على الشيوخ في قراءاتهم [١٠٣] .

ثم إنه صلى الله عليه وسلم تأكيداً لقاعدة أخذ القرآن مشافهة قرأ على أبيّ بن كعب كما في الحديث المتقدم ليعلمه طريقة التلاوة وترتيلها وعلى أي صفة تكون قراءة القرآن ليكون ذلك سنة في الإقراء والتعليم ولتكون المشافهة هي الوسيلة لنقل كتاب رب العالمين لما فيها من الضبط والإتقان لا غيرها من الوسائل.

قال الداني مبينا الحكمة من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي: في هذا الحديث أيضا أصل كبير في وجوب معرفة تجويد الألفاظ وكيفية النطق بالحروف على هيئتها وصيغتها وأن ذلك لازم لكل قراء القرآن أن يطلبوه ويتعلموه

وواجب على جميع المتصدرين أن يأخذوه ويعلموه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به واتباعا له على ما أكده بفعله ليكون سنة يتبعها القراء ويقتدي بها العلماء. [١٠٤]

وبالمشافهة تلقى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعرضوا عليه وسمعوا منه.

فهذا ابن مسعود يقول: والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة. [١٠٥]

وبالمشافهة تلقى التابعون عن الصحابة وهكذا تناقلت الأمة القرآن وأخذته بالمشافهة جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ونبه ابن الجزري إلى أن من أراد أن يحكم القراءة والتجويد ويتلو كتاب ربه كما نزل فعليه بترويض اللسان وتعويده النطق الصحيح المتلقى من فم المحسن المتقن.