وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه، فأنزل الله تعالى:{لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}
قال: جمعه لك في صدرك وتقرأه {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}
قال: فاستمع له وأنصت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ثم إن علينا أن تقرأه.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه. [١١٣]
ويستفاد من هذه الآيات ما يأتي:
أولا: حفظ النص القرآني وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} أي في صدرك فتحفظ نصه.
ثانياً: القراءة وكيفيتها وصفة أدائها وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وَقُرْآنَهُ} أي وعلينا تعليمك قراءته، فالقرآن هنا مصدر بمعنى القراءة وليس علماً.
ثالثاً: معرفة ما في القرآن من العلم والعمل وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أي علينا تعليمك حلاله وحرامه كما علمناك قراءته. [١١٤]
وأحاديث مدارسة جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل رمضان واعتبار الصحابة القراءة سنة متبعة يجب العمل بها والمصير إليها مما تقدم بيانه كل ذلك يستفاد منه أن الأخذ والتلقي والعرض والسماع أمور لابد منها لطالب القرآن مهما بلغت منزلته وعلا كعبه أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده والتابعين لهم بإحسان.
روى الداني بسنده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع رجلا يقرأ في سورة يوسف (ليسجننه عتى حين) فقال له عمر: من أقرأكها؟ قال أقرأنيها ابن مسعود.