للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن من كانت هذه حجته يصيب ولا يدري، ويخطئ ولا يدري؛ إذ علمه واعتماده على طبعه وعادة لسانه، يمضي معه أينما مضى به من اللفظ، ويذهب معه أين ما ذهب، ولا يبنى على أصل ولا يقرأ على علم ولا يقرئ عن فهم فما أقربه من أن يذهب عنه طبعه، أو تتغير عليه عادته وتستحيل عليه طريقته؛ إذ هو بمنزلة من يمشي في ظلام في طريق مشتبه فالخطأ والزلل منه قريب.

والآخر بمنزلة من يمشي على طريق واضح معه ضياء لأنه يبني على أصل، وينقل عن فهم، ويلفظ عن فرع مستقيم وعلة واضحة فالخطأ منه بعيد.

فلا يرضى امرؤ لنفسه في كتاب الله جل ذكره وتجويد ألفاظه إلا بأعلى الأمور وأسلمها من الخطأ والزلل [١٢٥] .

وإلى وجوب عرض القرآن وأخذه عن أهل الضبط والإتقان نبه الداني في منظومته المنبهة فقال:

واعلم بأن العرض للقرآن

على الإمام الفاضل الديّان

من سنة النبي والصحابة

ذوي المحل وذوي القرابة

والتابعون بعد لم يعدوه

بل من وكيد الأمر قد عدّوه

إذ كان قد صح عن الرسول

بأنه قرا على جبريل

وقد قرا بالوحي إذ أتاه

على أبيّ ثم قد أقراه

فأي شيء بعد هذا يتبع

وهل يردُّ الحق إلا مبتدع

أو جاهل لقوله لا ينظر

إذ هو في الورى كمن لا يبصر [١٢٦]

---

[١] حرز الأماني للشاطبي: ٨

[٢] سورة الممتحنة آية: ٤

[٣] لسان العرب لابن منظور ٣/١٣٥ مادة: جود

[٤] التحديد لحقيقة الإتقان والتجويد للداني: ٧٠، التمهيد في علم التجويد لابن الجزري: ٥٩، النشر: ١/٢١٢

[٥] هداية القاري: ١/٤٥

[٦] التحديد للداني:٧٠، التمهيد:٥٩، النشر:١/٢١٢، المصباح الزاهر: ٤/١٤٦٨

[٧] يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل أبو يوسف بن علي القاسم الهذلي، ولد في حدود التسعين وثلاثمائة.