للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: (لا يعذب) بالكسر، فقال له الرجل كيف وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا يعذب) بالفتح، فقال له أبو عمرو: لو سمعت الرجل الذي قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ما أخذته عنه وتدري ما ذاك لأني أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به العامة.

قلت وقراءة الفتح أيضاً قراءة متواترة.

قرأها من السبعة الإمام الكسائي، ومن العشرة يعقوب الحضرمي (١) وإنما أنكرها أبو عمرو لأنها لم تبلغه على وجه التواتر، لأن الخبر قد يتواتر عند قوم دون قوم (٢) .

وقال ابن مجاهد أخبرنا الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قرئ به لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا (٣) .

ويبين الشهرزوري في كتابه المصباح أن أحكام التجويد من إظهار وإدغام وإقلاب وإخفاء وإمالة وتفخيم وتحقيق همز وتخفيفه كل ذلك من لغة العرب التي نزل بها القرآن، وما من قارئ من قراء الأمصار: الحجاز والشام والعراق إلا وقد ورد عنهم الإدغام والإظهار والهمز والتليين والحدر والتحقيق والإمالة والتفخيم، وليس لأحد أن يعيب على قارئ ممن قرأ بهذه الأوصاف بل كل واحد من هذه الأوصاف نقله الخلف عن السلف جيلاً بعد جيل وقبيلاً بعد قبيل من لدن رسول الله (إلى زماننا هذا، ووقع على جواز ذلك الاتفاق في كل عصر ومصر إماماً بعد إمام وقدوة بعد قدوة إلى زماننا هذا. (٤)

قلت: لازال الإجماع والاتفاق قائماً على ما ذكر عن الأئمة قراء الأمصار من تلك الأحكام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالتارك للقراءة بها قارئ للقرآن بغير لغة العرب التي نزل عليها.


(١) النشر ٢/٤٠٠
(٢) جمال القراءة للسخاوي: ١/٢٣٥، منجد المقرئين: ٦٨.
(٣) السبعة لابن مجاهد: ٤٨.
(٤) صباح الزاهر: ٣/٩٢٩.