للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي موضع آخر من كتابه بين أن أخذهم لقواعد التجويد ليس بدعاً من أنفسهم وإنما هو النقل والرواية عن الأئمة الماضين والسلف الصالحين، فقد أوضحوا في كتبهم وبينوا في مصنفاتهم التجويد في القراءة والتحقيق في التلاوة، ولم يتركوا لغيرهم في ذلك مسلكاً وليس لنا فيما نورده من ذلك إلا التقريب والترتيب.. والله الموفق. (١)

فعلينا أن نسلك مسلك أئمتنا ونقتفي أثرهم فهم الأمناء الناقلون والحفظة المسندون.

قرءوا القرآن فأدوه أحسن أداء، وكان حسن الأداء سبيلهم لحسن الاستماع، وكان حسن الاستماع سبيلاً لحسن التدبر، وحسن التدبر سبيلاً لحسن الانتفاع.

وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف

المبحث السادس

اللحن في القراءة:

يأتي اللحن لمعان كثيرة، والذي يعنينا منه في هذا المبحث هو ما كان بمعنى الخطأ والميل عن الصواب في القراءة.

قال في اللسان: اللحْن واللحَن واللحانة واللحانية: ترك الصواب في القراءة والنشيد ونحو ذلك.

ورجل لاحِن ولحّان ولحّانة ولُحنة يخطئ.

وفي المحكم: كثير اللحن، ولحّنة: نسبة إلى اللحن (٢) .

قال ابن الجزري في التمهيد: واللحن الخطأ ومخالفة الصواب.

وبه سمي الذي يأتي بالقراءة على ضد الإعراب لحّاناً، وسمي فعله اللحن، لأنه كالمائل في كلامه عن جهة الصواب والعادل عن قصد الاستقامة (٣) .

واللحن في جميع صوره وأشكاله منهي عنه مستبشع في القراءة.

كما روى الحاكم في مستدركه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قرأ فلحن قال صلى الله عليه وسلم "أرشدوا أخاكم" (٤) .

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحذر القراء منه.


(١) صباح الزاهر: ٤/١٤٦٨.

(٢) اللسان: ١٣/٣٧٩، مادة ل ح ن.
(٣) التمهيد: ٧٦.
(٤) المستدرك ٢/ ٤٣٩، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وأقره الذهبي.