للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والواو في قوله {وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ} للاستئناف و {مِنْهُمْ} في موضع نصب على الحال من الملأ، وأن امشوا يجوز أن تكون أن مصدرية أي انطلقوا بقولهم أي امشوا ويجوز أن تكون مفسرة لانطلق لأنه ضمن معنى القول لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لا بد لهم أن يتكلموا، وقيل بل هي مفسرة لجملة محذوفة في محل نصب على الحال من الملأ أيضا والتقدير وانطلقوا يتحاورون أي امشوا. وقيل لا حاجة إلى التقدير ولا التضمين لأن الانطلاق هنا الاندفاع في القول والكلام نحو انطلق لسانه فأن مفسرة له، وقوله: {عَلَى آلِهَتِكُمْ} أي عبادتها، فهي على حذف المضاف. وقوله: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} تعليل للأمر بالصبر والإشارة راجعة إلى ظهور محمد صلى الله عليه وسلم وتأليه إله واحد المفهوم من السياق.

المعنى الإجمالي:

واستغرب هؤلاء وأنكروا أشد الإنكار لمجيء رسول عظيم يبلغهم عن ربه، ويعلمهم ويخوفهم، وهو من جنسهم في البشرية ومن نوعهم في العربية والأمية، وقال هؤلاء الجاحدون: هذا يأتي بالخوارق بواسطة تعاطي السحر وهو مغتر كثير الكذب، كيف يصير المعبودات الكثيرة معبودا واحدا فينفي الألوهية عنها. ويقصرها على إله واحد، إن تأليه إله واحد لشيء بليغ في العجب.

واندفع أشراف قريش من مجلس أبي طالب يتحاورون أي امشوا وسيروا – أو اندفعوا في الكلام – أي امشوا واثبتوا على طريقتكم، واحبسوا أنفسكم على عبادة معبوداتكم، إن ظهور محمد صلى الله عليه وسلم لأمر يطلب منا الانقياد له، أو أن هذا من نوائب الدهر ابتلينا به، وهو مراد منا فلا انفكاك لنا عنه، أو أن دينكم يطلب ليؤخذ منكم، ما سمعنا بالتوحيد في شريعة النصارى، أو في دين آبائنا أو في شريعة اليهود والنصارى، أو في الشريعة التي حدثنا بها الأحبار فإنهم لم يذكروا لنا التوحيد، وإنما ذكروا أن نبينا يبعث آخر الزمان, ما هذا الذي جاء به محمد إلا كذب وافتراء.