للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما يدل على أنه انتخبه أيضاً تصريح ابنه عبد الله في عدة مواضع من المسند بأنه أعرض عن إخراج حديث فيه لضعفه، ومنه قول عبد الله عند حديث رواه عن أبيه: "هذا الحديث لم يخرجه أبي في مسنده من أجل ناصح؛ لأنه ضعيف في الحديث، وأملاه علي في النوادر " (١) ، وكان الإمام أحمد يضرب على أحاديث أخرجها في المسند حيث تبين له ضعفها، ومنها حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "ما شبع آل محمد من خبز مأدوم حتى مضى لوجهه "، قال عبد الله: "كان أبي قد ضرب على هذا الحديث في كتابه؛ لأنه لم يرض الرجل الذي حدث عنه يزيد " (٢) .

وقد نبه عدد من الأئمة إلى انتقاء المسند، يقول أبو موسى المديني: "هذا الكتاب أصل كبير، ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، أُنتقي من حديث كثير، ومسموعات وافرة، فجعله إماماً ومعتمداً، وعند التنازع ملجأ ومستنداً " (٣) ، ويقول الذهبي: "فإنه محتو على أكثر الحديث النبوي، وقلَّ أن يثبت حديث إلا وهو فيه ... وقلَّ أن تجد فيه خبراً ساقطاً " (٤) ، ويقول الحافظ ابن حجر: "لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث وأتقن رجالاً من غيره، وهذا يدل على أنه انتخبه " (٥) .

وقال الإمام أحمد: "لم أذكر فيه ما أجمع الناس على تركه " (٦) ،وهذا شرط أبي داود قاله أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الزركشي – ت ٧٩٤هـ -، وقال أيضاً: "أخبرني شيخنا أبوالعباس ابن تيمية أنه اعتبر مسند أحمد فوجد أكثره على شرط أبي داود " (٧) .


(١) المسند ٥/٩٦
(٢) خصائص المسند لأبي موسى المديني ٢٦، وذكر نماذج أخرى.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) المصعد الأحمد ٣٤
(٥) النكت على كتاب ابن الصلاح ١/٤٤٧
(٦) النكت على كتاب ابن الصلاح للزركشي ١/٣٥٦
(٧) النكت على كتاب ابن الصلاح للزركشي ١/٣٥٦