للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يظهر أن المسند أجود من سنن أبي داود، فقد قال شيخ الإسلام أبو العباس: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني الدمشقي – ت ٧٢٨هـ-: "نزه أحمد مسنده عن أحاديث جماعة يروي عنهم أهل السنن كأبي داود والترمذي، مثل: مشيخة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده، وإن كان أبو داود يروي في سننه منها، فشرط أحمد في مسنده أجود من شرط أبي داود في سننه " (١) .

ومن الجدير بالذكر أن ما تقدم لا يلزم منه عدم وجود الأحاديث الضعيفة بل والقليل من الأحاديث الموضوعة، فقد قال ابنه عبد الله: "أخرج فيه أحاديث معلولة بعضها ذكر عللها، وسائرها في كتاب العلل لئلا يخرج في الصحيح " (٢) ، وقد ذكر عدد من العلماء أحاديث موضوعة فيه، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: "ليس كل حديث رواه أحمد ... في مسنده، يقول إنه صحيح، بل أحاديث مسنده هي التي رواها الناس عمن هو معروف عند الناس بالنقل ولم يظهر كذبه، وقد يكون في بعضها علة تدل على أنه ضعيف بل باطل لكن غالبها وجمهورها أحاديث جيدة يُحتج بها، وهي أجود من أحاديث سنن أبي داود " (٣) ، ويقول أبو الفداء: إسماعيل ابن عمر بن كثير الدمشقي – ت ٧٧٤هـ -: "فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة، كأحاديث فضائل مرو، وشهداء عسقلان " (٤) ، ويقول الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي – ت ٨٠٦هـ-: "أما وجود الضعيف فيه فهو محقق، بل فيه أحاديث موضوعة وقد جمعتها في جزء، وقد ضعف الإمام أحمد نفسه أحاديث فيه "، ويقول الزركشي: "في المسند أحاديث سئل عنها فضعفها وأنكرها"، ويقول ابن حجر: "الحق أن أحاديثه غالبها جياد، والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات، وفيه القليل من الضعاف والغرائب والأفراد، أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئاً فشيئاً، وبقى منها بعده بقية " (٥) .


(١) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ٩٥
(٢) الفهرسة لابن خير ١٤٠
(٣) منهاج السنة ٤/٦١
(٤) اختصار علوم الحديث ١/١١٧
(٥) تعجيل المنفعة ١/٢٤٠