لقد دسست الدعوة الاشتراكية على المسلمين، وهم يتخبطون في أشراك الاستعمار الذي حطم طاقاتهم، وسد في وجوههم سبل الحياة الكريمة، وغشى أعينهم بطلاء حضارته المشككة في كل فضائل الوحي.. وكان حملة هذه الدعوة الدخيلة شديدي الحرص على عرضها في صورة القوة المنقذة من أغلال الذل والتخلف، إلى جانب حذقهم في التركيز على النفوس الخاوية من حصانة المعرفة الصحيحة لحقائق الإسلام، فكان طبيعياً أن يكثر ضحاياها في أوساط الجاهلين وأشباه المتعلمين، ولا سيما أولئك الذين تأثروا بأساليب التفكير الغربي الذي لا يتجاوز نطاق المادة.. ومن هنا فتحت الثغور في صفوف المسلمين لهذه السموم، حتى بات من غير المستغرب أن تجد إنسانا يجمع قلبه بين النقيضين، فيزعم أنه مسلم وماركسي معاً، بل بات مألوفاً أن تقرأ وتسمع بذلك الشيء الطريف العجيب الذي يسمونه "اشتراكية الإسلام"فتؤلف فيه الكتب، وتذاع فيه الأحاديث، وتلقى حوله المحاضرات والمناقشات.. وفي بعض هذه البحوث علم وفقه ودين، وبين مؤلفي هذا الضرب من المصنفات رجال لم تشب إخلاصهم للإسلام شائبة فيما نعلم.. فهم لم يريدوا بما كتبوه نصرة الماركسية وفراخها الإبليسية، معاذ الله، ولكنهم رأوا انخداع الشباب حولهم بما نسب إليها من صفات العدالة والإنصاف، فسارعوا إلى عرض عدالة الإسلام العليا، تحت الاسم الذي فتنوا به، ليقرعوا أبواب قلوبهم بحقائق الشريعة الغراء. ولكنهم مع ذلك مؤاخذون بخطأ التسمية، لأن شياطين الماركسية، المزودين بكل وسائل الخداع والاستغلال والتضليل، قد عرفوا كيف يستفيدون من هذه العنوانات، فيوهموا أولئك السذج بأن اشتراكيتهم هي غاية الإسلام، لأنها السبيل الوحيدة لبناء (مجتمع الكفاية والعدل) و (الديمقراطية الاجتماعية) !.. ولا يزال كثيرون من الناس يتذكرون تلك الدعاية المركزة التي استمرت على بثها لمدة طويلة إذاعة إحدى الحكومات العربية التي أوقعتها الديكتاتورية في حبائل