للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في شرحه للحديث:"أي لا تمدحوني فتغلوا في مدحي كما غلت النصارى في عيسى – عليه السلام- فادَّعوا فيه الإلهية، وإنما أنا عبد الله ورسوله فصفوني بذلك كما وصفني ربى فقولوا عبد الله ورسوله ... " ٠

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الغلو بصفة عامة أهلك الأمم السابقة، وكان سببا في القضاء عليها، ومن هنا حذر أمته منه حتى لا تهلك كهلاكهم، فعن ابن عباس – رضي الله عنه – قال:"قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداه جمع (١) هلَّم القط لي، فلقطت له حصيات من حصى الخذف (٢) ، فلما وضعهن في يده قال: نعم بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" (٣)

... ولمسلم عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" قالها ثلاثا (٤) ٠ والمتنطعون: هم المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم (٥)

وكرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة ثلاث مرات مبالغة في التعليم والإبلاغ، وتحذيرا من الوقوع فيه لخطره وضرره على العقيدة وحماية لجناب التوحيد٠

قال ابن القيم:"فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، وخير الناس النمط الأوسط، وقد جعل الله سبحانه هذه الأمة وسطا، وهى الخيار العدل لتوسطها بين الطرفين المذمومين، والعدل: هو بين طرفي الجور والتفريط، والآفات إنما تتطرق إلى الأطراف والأوساط محمية بأطرافها، فخيار الأمور أوساطها٠

قال الشاعر:


(١) يعنى مزدلفة٠
(٢) أي حصى صغارا. انظر لسان العرب جـ٩ / ٦١.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده جـ١/٢١٥، ٣٤٧، والنسائي في كتاب مناسك الحج جـ٥ /٢١٨، وابن ماجة كتاب المناسك باب ٦٣ جـ٢/١٠٠٨، وابن أبى عاصم في السنة جـ١/٤٦، والحاكم في المستدرك، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
(٤) صحيح مسلم كتاب العلم باب ٤ جـ٤ / ٢٠٥٥.
(٥) شرح النووي على مسلم جـ١٦ / ٢٢٠.