وبإزاء هذا النقد الموضوعي الرصين لكلا النظامين الهدامين، يأتي مجهود المؤلف الموفق في عرض عظمة الإسلام واحتوائه كل الأسباب التي من شأنها حماية الجنس البشري من الانحرافات المهددة لأمنه.. فبينما تعطي الرأسمالية الفرد كل الحرية في تسخير القوى الإنسانية لمصلحته بكل الوسائل الممكنة حتى القانون والاحتكار والاستعمار.. والتحكم في مختلف المرافق الحيوية دون تحديد.. وبينما تقيد الاشتراكية حريته حتى تمسخ إنسانيته، وتلغي فطرته، لتجعل منه أداة إنتاج لمصلحة الطبقة الحاكمة وحدها.. بينما يحدث ذلك يتقدم الإسلام بحلوله العملية المبرأة من كل نقيصة، إذ يقيم كيان الإنسان على أساس الإيمان بالله رب كل شيء وخالق كل شيء، فيجمع بذلك أفراد المجتمع البشري على دستور الأخوة، الذي يحدد للفرد مجاله الحيوي ضمن مصلحة الجنس كله، فالفرد في ظل هذا النظام الرباني مطلق الطاقات، يضرب في مناكب الأرض للحصول على الثروة ولكنه ملزم الوقوف عند حدود مصادرها المشروعة التي لا ضرر فيها ولا ضرار، وملزم المشاركة في تأمين كيان الجماعة بأداء حقها من جهده، ثم بترك ثمار مساعيه أخيرا لتأخذ طريقها إلى التوزع، فلا تجتمع في يد واحدة على حكم القانون الإنجليزي أو الوثني. ولا توقف على الكلاب والقطط على طريقة الحماقة الأميركية.. وفي أثناء ذلك يحرم عليه استغلال درهم واحد من ماله في امتصاص جهود الآخرين عن طريق استخدامهم لإنماء ثروته بالربا الذي لا يشارك في أي جهد، كما يحرم عليه احتكار ضروريات الحياة للحصول على المزيد من الربح، ويعتبر مجرد كنزه المال، بعزله عن مجال النشاط، المساعد على توسيع دائرة النفع العام، جريمة تستحق العقاب الأليم.. إلى آخر ما هنالك من عوامل التضامن الأخوي، الذي يضع الثروة على اختلاف صورها في مكانها الطبيعي، وسيلة للسعادة التي يستأهلها المخلوق، الذي أكرمه الله فأسجد له ملائكته، ونفخ فيه من روحه.