للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخر: كراهة القيام من الجالسين للداخل، ولو كان لا يحب القيام، وذلك من باب التعاون على الخير، وعدم فتح باب الشر، وهذا معنى دقيق دلنا عليه راوى الحديث معاوية – رضي الله عنه -، وذلك بإنكاره على عبد الله بن عامر قيامه له، واحتج عليه بالحديث، وذلك من فقهه في الدين، وعلمه بقواعد الشريعة التي منها سد الذرائع" ٠

... ومن هذا الباب ما جاء في صحيح البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت:"صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما، فأشار أن اجلسوا، فلما انصرف قال:إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا" ٠

... قال ابن القيم:"إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المأمومين أن يصلوا قعودا إذا صلى إمامهم قاعدا، وقد تواتر عنه ذلك، ولم يجئ عنه ما ينسخه، وما ذاك إلا سدا لذريعة مشابهة الكفار، حيث يقومون على ملوكهم وهو قعود" ٠

قلت: تأمل أيها المسلم حرص الإسلام ورسول رب العالمين وسلف الأمة الصالحين على مخالفة الكفار والمشركين، ونهى الشريعة الغراء على المباح خوفا من الوقوع في الحرام، كل ذلك صيانة وحماية للعقيدة، وتحقيقا للتوحيد٠

... فما بالنا اليوم نجد جرأة كبيرة، حتى من بعض المنتسبين إلى العلم في التساهل في هذا الباب، ويا ليت الأمر – مع خطورته- اقتصر على الجائز المؤدى إلى الحرام، بل وقعوا صراحة فيما نهى عنه الشارع الحكيم، وسقطوا في أعمال الجاهلين٠ فإنا لله وإنا إليه راجعون٠