للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. كما جمع بين الأحاديث ابن القيم جمعا حسنا، وذكر أن الأحاديث التي ورد فيها القيام كان لعارض، وأنه كان قياما إلى الرجل للقائه، لا قياما له، ثم قال:"فالمذموم: القيام للرجل، وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم:فلا بأس به، وبهذا تجتمع الأحاديث" قلت: هذا جمع جيد وحسن بين النصوص الثابتة، وعليه فينهى القيام للشخص للتعظيم مهما كانت منزلته سدَّا لذريعة الوقوع في الشرك، بعد الغلو فيه، أو مجاوزة الحد في حبه وتعظيمه وما إلى ذلك كما هو واقع من بعض أتباع الطرق لمشايخهم، وأما القيام لعارض كالقيام للقادم من سفر، أو لغائب على سبيل البر والإكرام فلا بأس به٠

... وقد نقل أبو عبد الله بن الحاج عن أبى الوليد بن رشد أن القيام يقع على أربعة أوجه:

الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبرا وتعاظما على القائمين إليه٠

الثاني: مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولما فيه من التشبه بالجبابرة٠

الثالث: جائز، وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمن معه التشبه بالجبابرة٠

الرابع: مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحا بقدومه ليسلم عليه، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها أو مصيبة فيعزيه بسببها.

... وقال التوريشتى في شرح المصابيح:معنى "قوموا إلى سيدكم"، أى إلى إعانته وإنزاله من دابته، ولو كان المراد التعظيم لقال: قوموا لسيدكم" ٠

... وقال الألباني في حديث أبى مِجلَز:"دلنا هذا الحديث على أمرين:

الأول: تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له، وهو صريح الدلالة، بحيث أنه لا يحتاج إلى بيان٠