قال ابن كثير:"أمره الله تعالى أن يفوض الأمور إليه، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب المستقبل، ولا اطلاع به على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه، كما قال تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} الآية، وقوله:{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} ، قال عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن مجاهد: لو كنت أعلم متي أموت لعملت صالحا، وكذا روى ابن أبي نجيح عن مجاهد، وقال مثله ابن جريج وفيه نظر، لأن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ديمة، وفي رواية كان إذا عمل عملا أثبته، فجميع عمله كان على منوال واحد، كأنه ينظر إلى الله عز وجل في جميع أحواله، اللهم إلا أن يكون المراد أن يرشد غيره إلى الاستعداد لذلك والله أعلم، والأحسن في هذا ما رواه الضحاك عن ابن عباس:{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} أي من المال، وقال عبد الرحمن بن زين بن أسلم:{وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ْ} قال: لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون واتقيه، ثم أخبر أنه إنما هو نذير وبشير أي نذير من العذاب وبشير للمؤمنين بالجنات، كما قال تعالى:{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً}(١)