.. وقال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في الآية:"هذا ارتقاء في التبرؤ من معرفة الغيب ومن التصرف في العالم، وزيادة من التعليم للأمة بشيء من حقيقة الرسالة والنبوة، وتمييز ما هو من خصائصها عما ليس منها، والجملة مستأنفة ابتدائية قصد من استيفائها الاهتمام بمضمونها، كي تتوجه الأسماع إليها، ولذلك أعيد الأمر بالقول مع تقدمه مرتين في قوله:{قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} ، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} ، للاهتمام باستقلال المقول، وأن لا يندرج في جملة المقول المحكي قبله، وخص هذا المقول بالإخبار عن حال الرسول صلى الله عليه وسلم نحو معرفة الغيب ليقلع من عقول المشركين توهم ملازمة معرفة الغيب لصفة النبوة، إعلانا للمشركين بالتزام أنه لا يعلم الغيب، وأن ذلك ليس بطاعن في نبوته حتى يستيئسوا من تحديه بذلك ... " ٠
٢- إثبات صفة العلم ومعية الله لخلقه مع استوائه على عرشه٠
ذكر ربنا سبحانه وتعالى في كتابه استواءه على عرشه في أكثر من موضع، وهو استواء يليق بجلال الله وكماله، ومعناه عند السلف علو الله خلقه، وذكر البخاري عن أبى العاليه: استوى إلى السماء: ارتفع، وقال مجاهد: استوى: علا على العرش ٠
ودفعا لما يمكن فهمه من علو الله على خلقه أن الله بعيد من عباده، فلا يعلم ما هم عليه نصَّ سبحانه في كثير من آيات الاستواء على علمه بخلقه، وبتدبير أمر مملكته، وإحاطته بما هم عليه، كما ذكر معيته لهم مع استوائه على عرشه، حتى لا يفهم أحد أن الله حال في مخلوقاته٠
وأكتفى هنا بذكر آخر آية في القرآن الكريم أثبتت علو الله على خلقه واستوائه على عرشه، مع إثبات صفتي العلم والمعية معا، ثم أتبعها بأقوال بعض أهل العلم في معناها٠