للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والَّذين تخلّفوا عن غزوة تبوك مدّعين الخوف على أنفسهم من الافتتان ببنات الروم، كشف الله زيف دعواهم بقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} [التوبة / ٤٩] .

فالنفاق سلوك شاذ عن قاعدة البراءة للإنسان السوي. وإنما يكتسبه - بعضهم - لمرض في قلبه، وضعف في إرادته، وتخلخل في إيمانه.

ويَعْتَبِرُ أنّ ذلك السلوك منه نوع من حسن التّصرّف، والتَّعْمية على الآخرين لتحقيق الغاية. فيصبح له أسلوب حياة.

وصدق الله القائل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} [الصف / ٢ - ٣] .

فمخالفة القول العمل، خلق مذموم، يفقد صاحبه احترام الآخرين. . .

والمعاملات، والمبادلات بين إنسان، وإنسان تقوم على حاجتهما الفطرية إلى إشباع رغباتهما، وتتحقق بتعاونهما معًا في قضائها.

وهوى النّفس، والشعور بالتميز عن الآخرين، والأَثرة تظهر في سلوك بعض النّاس عند تعاملهم. وهي أمور قد تجرُّ إلى صراع بين الطرفين، وانتحال الأسباب باللجوء إلى أنواع من الحيل، والالتواء في الأساليب.

ومن حكمة الباري عز وجل أن جعل كثيرًا من المصالح الدنيوية مرتبطًا بعضها ببعض، ومكمّلاً بعضها بعضًا، فلا يمكن لإنسان تحقيق مصلحة ذاتية من كثير من الأشياء إلاّ بمساعدة غيره. ولا يستطيع إنسان الاكتفاء ذاتيًا في جميع حاجاته في الحياة دون الاستعانة بغيره، سواء كان بطريق مباشر، أو غير مباشر.

وجعل الله النّاس على درجات متفاوتة، ومختلفة من الذكاء، والفطنة، فهم يتفاوتون أيضًا في الجمع والتحصيل، ولا يتّفقون في القدْر والنوع.