للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: ملاينتهم، وحسن صحبتهم، واحتمالُهم لئلا ينفروا عنك.

و (داريت) الرجل: لاينته، ورفقْتُ به (١) .

ثانيًا: المعنى الاصطلاحي:

قال ابن حجر: قال ابن بطّال:

المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي: خفض الجناح للنّاس ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الأُلفة.

وظنّ بعضهم أن المداراة هي: المداهنة، فغلِط.

لأنّ المداراة مندوب إليها، والمداهنة محرَّمة.

والفرق أنّ المداهنة من الدِهان، وهو الَّذي يظهر على الشيء، ويستر باطنه.

وفسَّرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق، وإظهار الرضى بما هو فيه من غير إنكار عليه.

والمداراة هي: الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإغلاظ عليه، حيث لا يُظهِر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول، والفعل ولاسيما إذا احتِيج إلى تألفه، ونحو ذلك (٢) .

وقال الجرجاني:

المداهنة هي أن ترى منكرًا وتقدر على دفعه ولم تدفعه حفظًا لجانب مرتكبه، أو جانب غيره، أو لقلّة مبالاة في الدين (٣) .

قال ابن حبان تعليقًا على حديث ((مداراة النّاس صدقة)) (٤) : (المداراة) الَّتِي تكون صدقة للمداري هي تخلُّق الإنسان الأشياء المستحسنة مع من يُدفع إلى عشرته مالم يَشُبْها بمعصية الله.


(١) اللسان، مادة: درأ.
(٢) فتح الباري شرح صحيح البخاري: (١٠/٥٢٨) .
(٣) التعريفات: (ص٢٣٥) .
(٤) رواه ابن حِبَّان في صحيحه: ٢/٢١٦، حديث رقم (٤٧١) ، والطبراني (في الأوسط) برقم (٤٦٦) ، وأَبو نُعيم في (الحلية) : ٨/٢٤٦، وابن السني (في عمل اليوم والليلة) برقم (٣٢٥) . قال الشَّيخ شعيب الأرنؤوط في تعليقه على الإحسان في تقريب صحيح ابن حِبَّان: إسناده ضعيف. المسيب بن واضح: صدوق يخطيء كثيرًا، فإذا قيل له لم يقبل، قاله أبو حاتم. وانظر الكامل لابن عدي (٦/٢٣٨٣ ـ ٢٣٨٥) ، كشف الخفاء (٢/٢٠٠) .