للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمداهنة هي: استعمال المرء الخصال الَّتِي تُستحسن منه في العِشرة، وقد يشوبها ما يكره الله جلّ وعلا.

وقال ابن القيّم: ((الفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة التلطّف بالإنسان لتستخرج منه الحقَّ أو تردّه عن الباطل، والمداهنة: التّلطّف به لتقرَّه على باطله وتتركه على هواه، فالمداراة لأهل الإيمان، والمداهنة لأهل النفاق)) (١) .

وقال أبو هلال العسكري:

الفرق بين (اللطف) و (المداراة) أن (المداراة) ضرب من الاحتيال، والختْل، من قولك: (دريت) الصيد إذا ختلته.

وإنما يقال: (داريت) الرجل إذا توصّلت إلى المطلوب من جهته بالحيلة، والختل.

قال: وفلان لطيف الحيلة إذا كان يتوصَّل إلى بغيته بالرفق، والسهولة. ويكون اللطف حُسن العشرة، والمداخلة في الأمور بسهولة (٢) .

المبحث الثَّاني ما ورد في القرآن الكريم عن المداراة ومدلولاتها

القرآن الكريم كتاب هداية {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة / ١٦] .

وهو كلام الله ووحيه إلى نبيّه المصطفى - محمَّد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم، الَّذي ختم به النبوة، وقفّى به الرسل {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى / ٥٢] .

وجاء القرآن الكريم في مضمونه شاملاً لما أراد الله بيانه لخلقه من أوامر ونواهٍ، وواجبات وحقوق {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام / ٣٨] .


(١) انظر كتاب ((الروح)) ص (٢٨١) .
(٢) الفروق، لأبي هلال العسكري ص (٢٤١) .