للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن لم يوفق إلى فعل ذلك مع أبويه أو أحدهما فهو من المحرومين الأشقياء. كما بيّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا، أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ " (١) .

وهكذا يمضي الشارع الحكيم في بيانه الرائع، المحكَم آخذًا بأيدي المؤمنين إلى ما فيه صلاحهم في الدارين.

المبحث الثالث

ما ورد في السنّة، وآثار الصحابة والتابعين عن المداراة وكيف فهموها؟!

(١) فيما يتعلّق بالاستقرار العائلي الَّذي ينشده كلّ عاقل وسويّ تبرز جوانب كثيرة من (المداراة) في حياة الرعيل الأَوَّل من سلفنا الصالح، تشكل في مجموعها منهجًا قويمًا للمهتدين. قالت عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها -: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ ، إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ.

قَالَ: " لا، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ لا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا " (٢) .


(١) صحيح مسلم، كتاب البرّ، باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر فلم يدخل الجنّة، عن أبي هُرَيْرة رضي الله عنه (ح/٢٥٥١) .
(٢) صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب لم تُحرم ما أحلَّ الله لك؟
وصحيح مسلم، كتاب الطلاق، (٢٠) .