للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: " فإن عادوا فعُدْ " (١) .

وشروط الإكراه أربعة:

١ - أن يكون فاعله قادرًا على إيقاع ما يهدد به، والمأمور عاجزًا عن الدفع ولو بالفرار.

٢ - أن يغلب على ظنّه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك.

٣ - أن يكون ما هدّده به فوريًا.

٤ - أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره، كمن أكره على الزنا فأولج، وأمكنه أن ينزع ويقول: أنزلت، فيتمادى حَتَّى ينزل.

ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور ويُسْتَثْنَى من الفعل ما هو محرم على التأبيد كقتل النفس بغير حقّ (٢) .

ولعل ذلك يندرج تحت قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران / ٢٨] .

قال النسفي:

لا يوالي المسلم الكافر. والمحبة في الله والبغض في الله باب عظيم في الإيمان.

{إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} إلاّ أن تخافوا من جهتهم أمرًا يجب اتقاؤه، أي: إلاّ أن يكون للكافر عليك سلطان فتخافه على نفسك، ومالك فحينئذٍ يجوز لك إظهار الموالاة، وإبطان المعاداة (٣) .

وروى الطبري عن ابن عبّاس قوله:

نهى الله سبحانه المؤمنين أن يلاطفوا الكفّار أو يتّخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلاّ أن يكون الكفّار عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللطف، ويخالفونهم في الدين (٤) .


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٣٥٧) ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذَّهبيّ. وانظر تفسير الطبري (١٤/١٢٢) ، وتفسير القرطبي (١٠/١٨٠) .
(٢) فتح الباري لابن حجر (١٢/٣١١) .
(٣) انظر تفسيره (١/١٥٢ ـ ١٥٣) فقد رواه من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس.
(٤) انظر تفسيره (بتحقيق محمود وأحمد شاكر) ، ج٦، ص٣١٣.