للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللخمر تأثير على عقل الإنسان، يفقده التمييز بين الأمور، ويدفعه للخلط فيما يأتي من أفعال، وأقوال لها مساس بالمروءة.

وأمور العبادة الَّتِي نادى بها الإسلام بعد ذلك لا تصحّ من أحد إلاّ وفق قواعد محددة، بأركان، وشروط، وواجبات، تنضبط بانضباط فاعلها، إذا كان سويًا، عاقلاً، مدركًا.

والعقل في ذلك كلّه هو المحور الأساسي الَّذي تدور عليه قابلية التكاليف الشرعية، وهو مناطها.

فإذا كان متوقّدًا، يقظًا استطاع التفريق بين الحلال والحرام، أو انقاد - برضى وقبول - لمن يرشده إلى ذلك، ومن الآفات الَّتِي لها تأثير سلبي مباشر على العقل البشري: الخمر. أو كلّ ما خامر العقل، وستره.

فكيف عالج الشارع الحكيم أمر استئصال عادة شرب الخمر بين المسلمين؟

لقد اتّبع أسلوب التدرج في ذلك، فبدأ بتذكيرهم بأن إثمها أكبر من نفعها.

ثمَّ وصفها بأنها رجس من عمل الشيطان.

وأخيرًا قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة / ٩١] .

قال الفاروق بعد سماعها: انتهينا، انتهينا. وقد قال قبل: ((اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا)) (١) .


(١) انظر سنن الترمذي، كتاب التفسير. وسنن أبي داود، كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر. والنسائي في كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر. صححه الألباني في صحيح سنن النَّسائِي (٣/١١٢٦) ، حديث رقم (٥١١٣) . والحاكم في المستدرك (٢/٢٧٨) وصححه.