للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أَبو موسى الأشعري أنّ النبي صلى الله عليه وسلم إذا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ على جُلَسَائِه فَقَالَ: " اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ " (١) .

قال ابن حَجر: في الحَديثِ الحَضُّ على الخَير بالفِعْل وبالتَّسبب إِليه بِكُل وَجْهٍ.

والشَّفَاعَة إلى الكَبير في كَشْف كُرْبَةٍ، ومَعُونَةِ ضَعِيفٍ إِذْ لَيْس كُل أَحدٍ يَقْدر عَلى الوُصُولِ إلى الرئيسِ ولا التَّمكُن مِنه لِيَلِج عَليه، أَو يُوَضِّح لَه مُراده لِيعْرِف حَالَه عَلى وَجْهِهِ (٢) .

والمتَشَفِّعُ يَكُون لَه - غَالبًا - عند المُشَفِّع مِن الاعتبارات ما يُسَهِّل عَلَيه وِسَاطَته. مِنها ما يكونُ أَدَبِيًا، كالاحْتِرامِ، والتَّقْدير فَيَسْتَحي أَن لا يُحَقِّق لَه رَغبة لِكِبَر سِنٍّ، أَو مَكانَةٍ اجتماعيةٍ، أَو قرابةٍ.

ومِنْها ما يكونُ مُقَايَضَة، إِنْجَاز عَمل بإنجاز عمل.

ومِنْها ما يكونُ وِقَاية من أَذَىً يُمكِن أَن يُلْحِقَه المتشفِّع بالمشفِّع.

ومِنْها ما يكونُ تَزَلُّفًا من المشفِّع ليتَقَرَّبَ إلى المتشفع.

وأَحْسنه ما كانَ لِوَجْه اللهِ لِعاجزٍ، مُستَحِقٍ، مُنْقَطع، يَسْتَحي.


(١) أخرجه البخاري في الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضًا، ومسلم في البر والصلة رقم (١٤٥) .
(٢) انظر فتح الباري: (١٠/٤٥١) .