للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: والآخِذُ إِنَّما يَسْتَحِق الوعيد إِذا كان ما يأْخُذه إِما على حَقٍّ يَلزمه أَداؤه فلا يَفْعَل ذلك حَتَّى يُرْشَي. أو عَمَلُ باطلٍ يَجب عليه تركُه فلا يَتْركُه حَتَّى يُصانِع ويُرْشَى (١) .

ويُنْسَب إلى الملكِ عَبدالعزيز بنِ عبد الرحمن - يَرْحمُه الله - قوله: لم يُفسِد المُلك إلاَّ المُلوك وأَحفَادهم، وخُدَّامهم، والعُلماء المحابُون، وأَعوانهم.

ومَتى اتَّفق الأُمراء، والعُلماءُ على المداهَنَةِ، فالأَمير يَمْنَح المِنَح، والعُلَماءُ يُدَلِّسُونَ، ضاعَت حُقوق النّاس. وفَقَدنَا والعِياذُ بالله الآخِرة والأُولى (٢) .

ونوعٌ آخرُ مِنَ المُعَامَلَةِ بَيْنَ النَّاسِ يَلْتَبِس على الكثير الوقوفُ على حَقِيقَتهِ، ومعرفة نوعه إن كان من (المداراة) ؟

ذلك هُو (التَّقِيَّة) . قال في الوسِيط:

(التَّقِيَّة) : الخَشْيَة، والخَوْف.

و (التَّقِيَّة) عِند بَعض الفِرق الإِسلامية: إِخْفَاء الحَقِّ، ومُصَانَعَة النَّاسِ في غَيْرِ دَوْلَتِهِم. ا.هـ فهُما قد يَجْتَمعان عِند الخَشْية والخَوف على النَّفس مِن الهَلاكِ على قاعِدَة: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل / ١٠٦] . ولكنَّهما حَتْمًا يفْتَرِقان عِند مُصَانَعَة النَّاسِ بإِخفاءِ الحَقّ، فهذَا بِمَعنى النِّفاق، والتَّزَلف للوصُول إلى تَحْقيق غَاية مادية تُلحِق في الغالب ضَررًا بدينهِ، ومُعْتقدِه.

جاءَ في الحديث الصَّحيح: " إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ " (٣) .


(١) انظر معالم السنن، كتاب الأقضية، باب في كراهية الرشوة (٤/٩) .
(٢) انظر كتاب صور من حياة عبد العزيز، ص ١٣٣، لابنه الأمير طلال.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب، باب ما قيل في ذي الوجهين، ومسلم في البر والصلة، باب ذم ذي الوجهين. كلاهما عن أبي هريرة.