للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والوطن يدافع عنه رجلان: أحدهما بالسِّنان، والآخر بالبيان، فهما في حرب مع العدو، وقد أباح الشارع اللجوء إلى الكذب في الحرب، ومن أجل الصلح بَيْنَ اثنين أو أكثر (١) .

فهذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول، ومجاوزة الصدق طلبًا للسلامة، ودفعًا للضرر عن نفسه.

وقد رُخِّص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد لما يُؤمَّل بعده من الصلاح.

الخاتمة، والتوصيات

(المداراة) خُلُق في الإنسان، مكتسب ليُصبح له بعد ذلك سلوكًا، يُقَوِّم من خلاله معظم علاقاته الاجتماعية مع الآخرين.

وكُلَّما كان الإنسان ذا علاقة واسعة مع غيره، وتعددت مسئولياته احتاج إلى نوع من (المداراة) الّتي من أبرزها: اللين.

فمهمّة الأنبياء والرسل في نشر الدعوة إلى توحيد الله، وهداية الأمم يغلب عليها طابع (المداراة) فيما لا يخالف منهج الدعوة، وأهداف الداعية. فكانوا يتعاملون مع أذى المناوئين لدعوتهم بالصبر، والأناة، والحكمة، والموعظة الحسنة. مُوَجَّهِين من الله تعالى بذلك.

والعامة من المسلمين في تعاملهم المعيشي مع بعضهم يُفْتَرضُ أن الشريعة الإسلامية الّتي تحثّ على الصدق، والوفاء، والتعاون على البرِّ والتقوى وإصلاح ذات البين، وإغاثة المحتاج، والإيثار هي مرشدهم في تعاملهم. أولئك كانوا أقرب إلى الهدى من الضلال، وإلى الخير من الشرّ، حتّى إذا ابتعد أكثر النَّاس عن صميم تعاليم دينهم، وخفَّ لديهم الوازع الديني، وشُغِلوا بالماديات في شتى أمور حياتهم، وتعلّقوا بالحياة الدنيا وزخرفها، ابتدعوا من قبل أنفسهم حِيلاً، وأساليب مختلفة للوصول إلى غاياتهم، لا يضرهم من تضرر إذا حققوا ما يُريدون!!


(١) انظر كتاب الصلح من صحيح البخاري، باب ليس الكاذب الَّذي يصلح بَيْنَ النَّاس. وصحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب في إصلاح ذات البين.