للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال أبو إسحاق الشاطبي: "ففي الحديثين بيان أن الغفلة عن أسباب التن-زيل تؤدِّي إلى الخروج عن المقصود بالآيات".

ثم ساق أبو إسحاق الشاطبي الأثر الذي فيه إنكار ابن مسعود على من قال: إن المقصود بالدخان في قوله تعالى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} (١) يوم القيامة، ثم ذكر قول ابن مسعود في الآية، وأن الدخان إنما كان في الدنيا استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم قال أبو إسحاق: "وهكذا شأنُ أسباب النزول في التعريف بمعاني المنزَّل، بحيث لو فقد ذكر السبب، لم يعرف من المنزل معناه على الخصوص، دون تطرق من الاحتمالات، وتوجه الإشكالات ... ".

ثم ساق أبو إسحاق الشاطبي عن بعض الصحابة والتابعين آثارًا تحرض طالب العلم على تعلم علم الأسباب، وتشير إلى أن علم الأسباب من العلوم التي يكون العالم بها عالما بالقرآن.

التعليق على مبحث: أسباب النزول:

هذا المبحث من المباحث المهمة في علوم القرآن الكريم، ولأهميّته فقد أفرده طائفة من العلماء بالتأليف، منهم الإمام علي بن المديني، والإمام الواحدي، وكتابه مشهور معروف، والإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه "العجاب في بيان الأسباب"قال عنه تلميذه السيوطي: "مات عنه مسوَّدة فلم نقف عليه كاملاً".

ثم ألف فيه الإمام السيوطي كتابا حافلاً موجزًا محررًا، سمّاه "لباب النقول في أسباب النزول".

ثم أفرد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي الصحيح من أسباب النزول بمؤلف سماه "الصحيح المسند من أسباب النزول".

وأما من تكلّم على هذا المبحث ضمن مؤلّف فهم كثيرون جدًّا، فإنه لا يكاد يخلو مؤلف في التفسير من هذا المبحث، وكذلك لا يخلو كتاب بحث في علوم القرآن الكريم من هذا المبحث.


(١) سورة الدخان، الآية: ١٠.