للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، ولا يخفى على من قرأ كلام أبي إسحاق الشاطبي أنه قد اختصر في حديثه على هذا المبحث على بعض أهمية أسباب النزول، وهو معذور في ذلك؛ إذ إن كتابه الموافقات إنما هو في أصول الفقه، وليس في علوم القرآن.

وإليك بعض ما قاله العلماء في فوائد معرفة أسباب النزول.

١ - معرفة حكمة الله تعالى، التي دعت إلى تشريع حكم من الأحكام، فيزداد المؤمن إيمانا، وتسوق الكافر إلى الإيمان والتصديق.

٢ - معرفة السبب يُعين على فهم الآية، ويدفع الإشكال عنها، ويكشف الغموض الذي يكتنف تفسيرها، وهذا أشار إليه أبو إسحاق الشاطبي، ونص عليه الواحدي، وابن دقيق العيد، وابن تيمية.

٣ - دفع توهم الحصر عما يفيد بظاهره الحصر.

٤ - تخصيص حكم ما نزل - إن كان بصيغة العموم - بالسبب عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، وهي مسألة خلافية.

٥ - معرفة أن سبب النزول غير خارج عن حكم الآية إذا ورد مخصص لها.

٦ - معرفة من نزلت فيه الآية على التعيين حتى لا يشتبه بغيره، فيتهم البريء، ويبرأ المريب.

٧ - تيسير الحفظ، وتسهيل الفهم، وتثبيت الوحي في ذهن كل من يسمع الآية إذا عرف سببها؛ وذلك أن ربط الأسباب بالمسببات، والأحكام بالحوادث، والحوادث بالأشخاص والأزمنة والأمكنة، كل ذلك من دواعي تقرر الأشياء وانتقاشها في الذهن.

المبحث الثاني: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في الأقوال المحكية في القرآن الكريم

قال الإمام أبو إسحاق رحمه الله تعالى: "كل حكاية وقعت في القرآن فلا يخلو أن يقع قبلها أو بعدها - وهو الأكثر - رد لها، أو لا، فإن وقع رد فلا إشكال في بطلان ذلك المحكي وكذبه، وإن لم يقع معها رد فذلك دليل على صحة المحكى وصدقه.