للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما التفصيلي: فإن قوله: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (١) قضية عين في رجل معين من الكفار، بسبب أمر معين، من همزه النبي عليه الصلاة والسلام وعيبه إيَّاه، فهو إخبار عن جزائه على ذلك العمل القبيح، لا أنه أُجري مجرى التخويف، فليس مما نحن فيه. وهذا الوجه جار في قوله: {كَلا إِنَّ الأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (٢) ... وكذلك سورة والضحى، وقوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (٣) غير ما نحن فيه، بل هو أمر من الله للنبي عليه الصلاة والسلام بالشكر لأجل ما أعطاه من المنح".

المبحث الرابع: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في أقسام العلوم المضافة إلى القرآن الكريم

قسم أبو إسحاق العلوم المضافة إلى القرآن إلى أربعة أقسام، فقال:

"قسم: هو كالأداة لفهمه واستخراج ما فيه من الفوائد، والمعين على معرفة مراد الله تعالى منه، كعلوم اللغة العربية - التي لا بد منها - وعلم القراءات، والناسخ والمنسوخ، وقواعد أصول الفقه، وما أشبه ذلك".

ثم ذكر أبو إسحاق أن هذا الجانب قد يُدخل فيه ما ليس منه، كقول من قال: إن علم الهيئة وسيلة إلى فهم قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} (٤) ، وقول من قال: إن علوم الفلسفة مطلوبة إذ لا يُفهم المقصود من الشريعة إلا بها.

ثم رد أبو إسحاق على قائل ذلك بقوله: "ولو قال قائل إن الأمر بالضد مما قال لما بَعُد في المعارضة. وشاهد ما بين الخصمين شأن السلف الصالح في تلك العلوم، هل كانوا آخذين فيها، أم كانوا تاركين لها، أو غافلين عنها؟ مع

القطع بتحققهم بفهم القرآن، يشهد لهم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم والجم

الغفير، فلينظر امرؤ أين يضع قدمه".


(١) سورة الهمزة، الآية: ١.
(٢) سورة العلق، الآية: ٦، ٧.
(٣) سورة الشرح، الآية: ١.
(٤) سورة ق، الآية: ٦.