للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرابع: يختص بالآحاد في خاصة أنفسهم، كاختلاف الأقوال بالنسبة إلى الإمام الواحد، بناء على تغيير الاجتهاد والرجوع عما أفتى به إلى خلافه، فمثل هذا لا يصح أن يعتد به خلافا في المسألة؛ لأن رجوع الإمام عن القول الأوّل إلى القول الثاني اطّراح منه للأول ونسخ له بالثاني، وفي هذا من بعض المتأخرين تنازع، والحق فيه ما ذكر أولاً....

والخامس: أن يقع تفسير الآية أو الحديث من المفسر الواحد على أوجه من الاحتمالات، ويبني على كل احتمال ما يليق به من غير أن يذكر خلافا في الترجيح، بل على توسيع المعاني خاصة، فهذا ليس بمستقر خلافا؛ إذ الخلاف مبني على التزام كل قائل احتمالاً يعضده بدليل يرجحه على غيره من الاحتمالات حتى يبنى عليه دون غيره، وليس الكلام في مثل هذا.

والسادس: أن يقع الخلاف في تنزيل المعنى الواحد فيحمله قوم على المجاز مثلاً، وقوم على الحقيقة، والمطلوب أمر واحد، كما يقع لأرباب التفسير كثيرًا في نحو قوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ} (١) ، فمنهم من يحمل الحياة والموت على حقائقهما، ومنهم من يحملهما على المجاز، ولا فرق في تحصيل المعنى بينهما ... ومثل ذلك قوله: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} (٢) فقيل: كالنهار بيضاء لا شيء فيها، وقيل: كالليل سوداء لا شيء فيها، فالمقصود شيء واحد، وإن شبه بالمتضادين اللذين لا يتلاقيان.

التعليق على مبحث: أسباب الاختلاف غير

المؤثرة في التفسير

هذا المبحث مهم جدًّا؛ لأن كتب التفسير قد ملئت بتعديد الأقوال التي تُذكر على سبيل الاختلاف، أو تذكر على أنها مما جاء عن العلماء، وعند النظر فيها والتحقيق على ضوء ما ذكره الإمام أبو إسحاق الشاطبي وغيره نجد كثيرًا منها مؤتلف، غير مختلف.

وممن نبه على هذه المسألة شيخ الإسلام أحمد بن عبد السلام بن تيمية رحمه الله تعالى.


(١) سورة الروم، الآية: ١٩.
(٢) سورة القلم، الآية: ٢٠.