للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعند علماء الأصول أن الصحابي إذا قال قولاً أو فعله واشتهر ولم يعلم له مخالف فإنه يعد إجماعاً سكوتياً (١) ويؤكد هذا أنه مذهب جماعة من التابعين قال ابن قدامة - بعد أن ذكر من قال بوجوب قتل الساحرمن الصحابة وهذا اشتهر فلم ينكر فكان إجماعا (٢) .

وبذلك ثبت في الكتاب والسنة والإجماع من الصحابة والتابعين قتل الساحر مطلقاً عند الجمهور.

قال الإمام الشنقيطي: "فهذه الآثار التي لم يعلم أن أحداً من الصحابة أنكرها على من عمل بها مع اعتضادها بالحديث المرفوع المذكور هي حجة من قال بقتله مطلقاً، والآثار المذكورة والحديث فيهما الدلالة على أنه يقتل ولو لم يبلغ به سحره الكفر لأن الساحر الذي قتله جندب كان سحره من نوع الشعوذة ... وقول عمر: "اقتلوا كل ساحر"يدل على ذلك بصيغة العموم (٣) .

القول الثاني: وهو مذهب الإمام الشافعي وابن المنذر وراية عن الإمام أحمد (٤) أن الساحر إذا عمل بسحره ما يبلغ الكفر وجب قتله كفراً بعد الاستتابة أما إذا لم يبلغ الكفر وقتل نفساً قتل قصاصاً. وما سوى ذلك يعزر. يقول السبكي "وأما مذهب الشافعي فحاصله أن الساحر له ثلاثة أحوال حال يقتل كفراً، وحال يقتل قصاصاً، وحال لا يقتل أصلاً بل يعزر. أما الحالة التي يقتل فيها كفراً فقال الشافعي رحمه الله أن يعمل بسحره ما يبلغ الكفر. وشرح أصحابه ذلك بثلاثة أمثلة - أحدها: أن يتكلم بكلام هو كفر، ولاشك أن ذلك موجب للقتل ومتى تاب منه قبلت توبته وسقط عنه القتل وهو يثبت بالإقرار وبالبينة.

المثال الثاني: أن يعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل بأنفسها، فيجب عليه أيضاً القتل ... وتقبل توبته. ولا يثبت هذا القسم إلا بالإقرار.


(١) أصول الفقه الإسلامي ص ٢٣٩.
(٢) المغني لابن قدامة ج٨ ص ١٥٣.
(٣) أضواء البيان ج٤ ص ٤٦١.
(٤) انظر: المغني لابن قدامة ج٨ ص١٥٣.