للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونص الآمدي على أنه لا يجوز القول بوجود حكم إلا لعلة: "إذ هو خلاف إجماع الفقهاء على أن الحكم لا يخلو من علة".

وقال ابن الحاجب: " ... فإن الأحكام شرعت لمصالح العباد بدليل إجماع الأمة".

وقال ابن القيم: " ... والقرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسنة نحو مائة موضع أو مائتين لسقناها ولكن يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة" ثم نبه على عدد كثير من صيغ التعليل المستعملة في القرآن.

ويؤكد على هذا الاتجاه الإمام عز الدين بن عبد السلام موضحاً أن الشريعة كلها معللة بجلب المصالح ودرء المفاسد، سواء منها ما وقع النص على تعليله أو ما لم ينص عليه، فما نص على تعليله فيه تنبيه على ما لم ينص عليه يقول: "والشريعة كلها مصالح، إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح، فإذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فتأمل وصيته بعد ندائه فلا تجد إلا خيراً يحثّك عليه أو شراً يزجرك عنه، أو جمعاً بين الحث والزجر، وقد أبان في كتابه ما في بعض الأحكام من المفاسد حثاً على اجتناب المفاسد، وما في بعض الأحكام من المصالح حثاً على إتيان المصالح".

ويؤكد في موضع آخر وبجلاء أكثر وأسلوب أوضح على هذا المعنى فيقول: "التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم والله غني عن عبادة الكل، لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ... ".

وقال الشاطبي: "إن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً".

وقال أيضاً: "إذاً ثبت أن الشارع قد قصد بالتشريع إقامة المصالح الأخروية والدنيوية وذلك على وجه لا يختل لها به نظام، لا بحسب الكل ولا بحسب الجزء وسواء في ذلك ما كان من قبيل الضروريات أو الحاجيات أو التحسينات" وقد كرر هذا المعنى في كتابه كثيراً.