للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال– رحمه الله: "فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة إلا إذا نقلتهم إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كرمي النشاب وسباق الخيل ونحو ذلك، وإذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مكاء وتصدية فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد وإلا كان تركهم على ذلك خيراً [من] أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك فكان ما هم فيه شاغلاً عن ذلك... وهذا باب واسع ...، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية – قدس الله روحه – يقول: مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر فأنكر عليهم من كان معي، فأنكرت عليه وقلت له: إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وهؤلاء تصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم".

وهذا باب واسع ويطول سرد الأمثلة إذا تتبعناها، وحسبنا هذه الملامح والإرشادات.

مصالح منصوص عليها وأخرى غير منصوص عليها:

وإذا تقرر هذا فإن المصلحة أو الحكمة قد تكون منصوصاً عليها في كلام الشارع وقد لا تكون منصوصاً عليها فيهتدي إليها العالم بنور الله: بالفهم الذي يؤتاه الرجل في الكتاب والسنة وهو المعنيّ بالحكمة في قوله سبحانه وتعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاء} (١) يعني: - والله أعلم - الإصابة في الفهم والسداد في القول والعمل وحسبك بهما نعمة.

فمن أمثلة القسم الأول:

- شرعت الصلاة لذكر الله تعالى. قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} (٢) .

- شرع الجهاد لإعلاء كلمة الله وإزالة الفتنة كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (٣) .


(١) سورة البقرة آية: ٢٦٩.
(٢) سورة طه آية:١٤.
(٣) سورة الأنفال آية: ٣٩.